هل سيكون مصير الجولان أفضل في ظل نظام جديد - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


هل سيكون مصير هضبة الجولان أفضل في ظل نظام جديد في سوريا؟
عن شبكة الأنباء الإنسانية - ايرين - (آب 2012)
فيما يحتدم الصراع على بعد كيلومترات فقط في سوريا، يبقى الهدوء سائداً على مرتفعات الجولان السورية التي تحتلها إسرائيل. ولكن ثمة دلائل على أن النزاع الذي دام 17 شهراً قد طال السكان العرب في تلك المناطق. ففي مجدل شمس التي تعد أكبر قرية عربية في المنطقة، كُتب على الجدران بلون الدم الأحمر عبارة "أوقفوا قتل الشعب السوري".

عندما بدأ الصراع في سوريا العام الماضي، كانت هضبة الجولان تدعم بشكل كبير الرئيس السوري، بشار الأسد– المتهم بقتل آلاف السوريين في القتال الدائر ضد المتمردين. والآن يقول السكان المحليون أن هناك انقسام في الرأي بنسبة 50 بالمائة. ولكن على الرغم من انقسام مجتمعات الدروز بشكل متزايد حول الصراع الدائر في بلادهم، إلا أنهم، وبحسب قولهم، مصممون على البقاء متحدين في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي لهضبة الجولان. ويشعر بعض السكان العرب أن التغيير في الحكومة السورية قد يضع الجولان على جدول الأعمال الوطني والإقليمي مجدداً.

وكانت إسرائيل قد استولت على هضبة الجولان خلال حرب 1967 ثم ضمتها بشكل أحادي إلى أراضيها عام 1981 وهي الخطوة التي لم يعترف بها المجتمع الدولي وأدانتها الأمم المتحدة. (تقول إسرائيل أنها تحتاج إلى وجود في هضبة الجولان لحماية نفسها بحجة أن قرار الأمم المتحدة رقم 242 الذي تم تبنيه بعد حرب عام 1967 يعترف بحاجة إسرائيل إلى حدود آمنة ولا يطلب من إسرائيل الانسحاب من جميع الأراضي المحتلة. وهذا التفسير أيضاً محل جدل). وقد ذكر مركز المرصد العربي لحقوق الإنسان في منطقة الجولان المحتلة أن المستوطنين الإسرائيليين يحصلون على خمسة أضعاف كمية المياه التي يحصل عليها المزارعون السوريون. كما تمت مصادرة الأراضي لبناء مستوطنات إسرائيلية ويدفع السكان العرب لإسرائيل ضرائب أكثر من نظرائهم الإسرائيليين رغم أنهم يتلقّون خدمات أقل.

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال إيال زيسر، أستاذ تاريخ إفريقيا والشرق الأوسط في جامعة تل أبيب ومؤلف أربعة كتب عن سوريا والأسد أن "الجولان لم تكن على جدول الأعمال السوري لسنوات. وقد يكون النظام الجديد في دمشق الذي سيكون موالياً للغرب على استعداد لتحدي إسرائيل واحتلالها للجولان مقابل السلام الحقيقي، وهو أمر لم يجرؤ الأسد على فعله".

ومن جهته، قال سلمان فخر الدين، وهو منسق في مركز المرصد أن الحكومة الجديدة في سوريا "التي لن تقوم أولوياتها على قمع شعبها" لن تتخلى عن هضبة الجولان أو الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويقول المحللون أنه إذا نجح المتمردون السوريون في إسقاط نظام الأسد، سيواجهون العديد من التحديات وربما لن تكون المواجهة مع إسرائيل على رأس قائمة أولوياتهم.

تحول الولاءات

مازال السكان العرب في الجولان- والذين ينتمي معظمهم إلى المذهب الدرزي- يعتبرون أنفسهم سوريين. في الماضي، كان التعبير عن الولاء لسوريا يتم من خلال دعم الأسد، حيث كان السكان يحملون الأعلام السورية مع صور الأسد في احتجاجاتهم ضد الاحتلال الإسرائيلي.

ولكن فخر الدين يشير إلى أنه لم يكن الجميع يحمل تلك الصور. وهو يقول أنه لطالما كان ضد الأسد. وأضاف أنه يعارض الرئيس السوري لنفس أسباب معارضته للاحتلال الإسرائيلي للجولان والأراضي الفلسطينية، مشيراً: "بالنسبة لي، فإن مدينة حمص [في وسط سوريا] مثل غزة... الناس فيها يطالبون بحقوق الإنسان الأساسية والحق في العيش بكرامة وحرية وديمقراطية. فمن يستطيع أن ينكر ذلك؟" ولكن فخر الدين، مثل العديد من السكان المحليين، ضد التدخل الغربي في سوريا.

ويقول بعض من مؤيدي النظام في المنطقة أن مخاوفهم على نظام الأسد أقل بكثير من مخاوفهم من أن تحل حكومة إسلامية بدلاً منه، حيث يخشى بعض الدروز أن يؤدي ذلك إلى مزيد من القمع ضد طائفة الدروز الأقلية. كما يحذر آخرون من أن يقتصر النزاع على الخلافات الدينية والطائفية، مشيرين إلى أن بعض الأقليات، بما فيهم الدروز، يشاركون في التمرد فيما يقوم البعض الآخر بدعم الأسد. وقال أحد سكان الجولان أنه "لو كان الأمر يتعلق فقط بدعم العلويين للأسد، لما بقي الأسد في السلطة".

مجتمعات منقسمة

تحاول مجتمعات الجولان المنقسمة أن تبقى صامتة بشأن آرائها عن الحفاظ على السلام في المنطقة. ومع ذلك فقد أدت الاحتجاجات ضد الأسد إلى بعض المناوشات الصغيرة في قرية مجدل شمس. فمنذ عدة أسابيع اشتبك أنصار الأسد مع هؤلاء الذين يدعمون التمرد. وقد قام الطرفان في البداية بتراشق البيض، ثم تصاعدت الاشتباكات لتصبح تراشقاً بالحجارة فيما بعد. ثم قام شيوخ القرية بالفصل بين الطرفين واقترحوا أن يقوم الداعمون للتمرد بنقل تظاهرات يوم الجمعة إلى مكان آخر لمدة أسبوع حتى يتمكن الطرفان من التهدئة.

وقال أحد أعضاء المجتمع البارزين، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته لأن لديه عدد من الأقارب في سوريا، أنه "في بعض المنازل لا يتحدث الآباء مع أبنائهم ولا يتكلم الأخوة مع بعضهم البعض" لأنهم يختلفون بشأن النزاع في سوريا. ولكنه نفى التقارير الإعلامية التي تقول أن السكان المحليين الذين يدعمون المتمردين يواجهون النبذ.

ساحة جديدة للمعركة؟

وبدلاً من تأجيج الخلافات بين سكان الجولان، يمكن للنظام الجديد في دمشق أن يخلق عوامل خطر للجولان وبالتالي لإسرائيل. ويقول زيسر أنه "في ظلّ حكم الأسد كان هناك نظام قوي في سوريا. وقد يؤدي سقوط نظام الأسد إلى انتشار الفوضى...وقد تبحث بعض الجماعات الإرهابية وخاصة القاعدة عن مغامرات جديدة بمجرد أن يسقط الأسد".

ويشبّه زيسر الفراغ المحتمل في السلطة في سوريا بذلك الذي حدث في شبة جزيرة سيناء في مصر. فمنذ الإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك من السلطة، قام المسلحون بمهاجمة خطوط الأنابيب التي تحمل الغاز من مصر إلى إسرائيل. كما قام المسلحون مرتين بخرق حدود إسرائيل مع مصر. وقد أدى الهجوم عبر الحدود الذي وقع في الصيف الماضي إلى مقتل ثمانية إسرائيليين.

ولكن السكان المحليين أقل قلقاً بشأن الهجمات على الجولان أو إمكانية أن يمتد القتال في سوريا عبر الحدود. فما يقلقهم هو إمكانية حدوث هجوم إسرائيلي على إيران، حليفة سوريا- والحرب الإقليمية التي من الممكن أن يتسبب فيها هذا الهجوم.

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال صاحب مطعم طلب عدم ذكر اسمه، أن بعض السكان المحليين يقومون بتخزين البضائع غير القابلة للتلف والمياه تحسباً لاندلاع القتال، مضيفاً بحسرة: "لقد شهدنا الكثير من القتال هنا". وأشار إلى أنه حتى إذا كانت هذه الحرب ستؤدي إلى عودة الجولان إلى سوريا، "فنحن نريد إنهاء الاحتلال، ولكن العنف ليس طريقتنا".